فمن المعلوم أنَّ من ثبت نسبه إلى النبي – صلى الله عليه وسلم- فله الشرف ، كيف لا ؟ وقد خرج من صلبه ، فبركة هذا النسب معروفة مستفيضة مشهورة ، وحق آل البيت هو محبتهم واحترامهم .
فكما قال الكيمت بن زيد الأسدي
خَفَضتُ لهم مني جناحَ مودةٍ
إلى كَنفٍ عِطْفاه أهـــلٌ ومرحبُ
فمن فائدة معرفة النسب صلة الرحم ، لما جاء في الأدب المفرد للإمام البخاري من حديث عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – قال : قال الرسول صلى الله عليه وسلم : ” تعلموا أنْسابكم ، ثم صلوا أرحامكم ، والله إنه ليكون بين الرجل وأخيه الشيء ، ولو يعلم الذي بينه وبينه من داخِلة الرحم لأوزعه ذلك عن انْتهاكه” .
ومن فوائد معرفة النسب معرفة التاريخ ؛ لأنه يحمل في طياته العبر.
وكما قال الشاعر.
اقرؤوا التاريخ إذ فيه العبر
ضلَّ قومٌ ليسوا يدرون الخبر
ومعرفة نسب و تاريخ الأجداد والآباء من الصالحين والشهداء والمجاهدين من الأمور التى تحفز الهمم على العمل والسعي في إعادة الحضارات والْأمجاد التي أضعناها .
كما قيل
إني تذكرت والذكرى مؤرقة
مجــــداً تليداً بأيدينا أضعنا
أنَّـــى اتجهتَ إلى الإسلامِ في بلدٍ
تجدهُ كالطيرِ مقصوصاً جناحاهُ.
فأهل الإسلام في كل زمان سطَّروا لنا أعظم البطولات ، وبذلوا الغاليَ والنفيس من أجل أن يصل إلينا هذا الدِّين صافياً نقياً ، فأين نحن من هذا ؟
لا درَّ درُّ امرئٍ يطر أوائلــه فخراً..
ويطرق إن سألته ما هو
فينبغي علينا أن نكون خير خلفٍ لخير سلفٍ ، وأن نلتمس خطاهم مع العلم أنَّ المتقدمين اجتهدوا في التأسيس والتمهيد ، والمُتأخرين بذلوا وسعهم في التقرير والتأكيد ، وهكذا نحقق هدف ايجادِنا وهو الاستخلاف في الأرض وتحقيق الغاية التي خُلقنا من أجلها وهي عبادة الله وحده لا شريك له .
ومن المقرر عند العقلاء ” أن من أبطأ به عمله فلا يقدمه نسبه ” ، فقد رفع الله بلالاً وهو عبدٌ حبشيٌّ ، ووضع أبا لهب وهو عمُّ النبي -صلى الله عليه وسلم -ومن آل بيته .
ولقد نهى رسولنا -صلى الله عليه وسلم- الأوس والخزّرج عندما حصلت بينهما خصومة ، قال الأوس : يالا الأوس ، وقال الخزّرج : يالا الخزّرج فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : “أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم ، دعوها فإنها منْتنة ” .
كذلك هى ليست من التَّفاخر بالأَحساب ، فقد حذر من ذلك الرسول – صلى الله عليه وسلم- حينما قال : ” اثنان بالناس هما بهم كفر، الطعن في الأنساب ، والفخر بالأحْساب ” .
فلينتبه الَّلبيب لذلك !
أخيراً – إليكم هذا (التنبيه ) !
عندما نبْرزُ شخصيةً ونذكر بعض مناقبها فذكرنا ليس من باب تصحيح ما كان منها من خطأ ، بل هو سرد تاريخيٌ ، وتزكيَّة بالإجمال ، خاصَّة وقد أُشتهر بين الناس أَن عائلة ” نصــــرات ” هو بيت علمٍ وشرفٍ ، ومن أهل القرآن والفقه والفتوى ، وأَنَّهم قدوة ، وثبَّت الله بهم معشرهم على الإسلام ، وأنَّهم من أهل السنة والجماعة بلإِجمال ، فنُفاخر بما كانوا عليه من صلاحٍ واصلاحٍ ، وندعوا الله أن يغفر لهم ما وقعَ منهم من خطإ و زلة قدم .
من ذا الذي ترضى سجاياه كلها
كفى المرء نبلاً أن تعدَّ معايبهُ
تريدُ مبرَّأً لا عيــــــــب فيــــــه
وهل نــــــار تفوحُ بلا دخـان
وقد صدق لبيد بن ربيعة العامري حينما قال :
أنْكَرَتُ باطِلَها وبؤتُ بحقِّها
عندي ولم يُفْخَر عليَّ كِرامُهَا
فعليه لَا مجال لِلنَّـــقدِ بعد هذا التــبيان ولمن لم يقتنع بهذا البيان نقول له:
دعهم يعضُّوا على صُمِّ الحصَى كمداً
من مــــــــــات منهم بغيّظه له كفنٌ
أخيراً : أَدعوا الله أن يتقبَّلهم ، و يتجاوز عن سيئاتهم ، إنَّه هو العفو الغفور، وهو وليُّ ذلك والقادر عليه ، وآخر دعوانا أَنِ الحمد لله رب العالمـــــين .
– نبذة عن أصل نسب العائلة ، والظروف التي واجهتهم ، وسبب هجرتهم إلى المغرب ومن ثم الى ليبيا .
ينحدر نسب أفراد قبيلة الفواتير من سيد خليفة الملقب (فيتور) بن عبد الله بن نبيل بن عبد العزيز بن عبد الرحيم بن عبد الله بن إدريس بن عبد الله بن محمد بن الحسين المثنى بن الحسن السبط بن علي بن أبي طالب -رضي الله عنهم- بن فاطمة الزهراء ابنة سيدنا محمد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
– سبب هجرتهم.
عندما تولَّى بنو أمية زمام الأمور في بلاد العرب ونكلوا ببني هاشم لجــأ إلى مدينة (فاس) بالمغرب مجموعة من آل البيت فراراً من بطش الحجاج بن يوسف الثقفي ، وكان من بين المهاجرين نبيل بن عبد الله بن عبد العزيز وهو طفل صغير، نشأ نبيل مع أولاد سعيد حتى بلغ مبلغ الرجال، وتزوج وخلَّف ابنة واحدة ، ولما أراد أن يُزوج ابنته لابن أخيه اعترض عليه آل سعيد في محاولة لافتكاكها منه عنوة ، ولم يجد نبيل مناصاً من الفرار بابنته فلجأ مع مجموعة من أبناء عمه الأشراف إلى البلاد الليبية ، حيث نزلوا على آل دريد أحد بطون بني هلال بالزاوية الغربية ، وهناك خلَّف ولدان وهما يوسف الملقب (بعوسج) وخليفة الملقب( فيتور)
– ملاحظة
ينقل الشيخ الطاهر الزاوي ويقول : أنَّ ما ينقله العامة من سبب تلقيب يوسف بعوسج وخليفة بفيتور هو أن يوسف عندما خافت أمه عليه وضعته تحت شجرة العوسج ، وعندما خافت على خليفة وضعته في الفيتورة وهي البقايا التي تبقى من الزيت بعد عصره ، أنَّ هذا كلام من نسج العامَّة ، ولا يصح منه شئ
فيوسف عوسج أبناء العمومة وهم أولاد ابراهيم الملقب (بأبي حميرة) .
أما خليفة فيتور فقد أنجب سبعة أبناء منهم سليمان وهو جدنا، وقد استشهد في في معركة ضد الإفرنجة القراصنة الغزاة بشواطئ طرابلس ، ودفن بمقبرة (سيدي الشعاب بطرابلس) .
وقد خلَّف سليمان ذرية مباركة صالحة ، منهم جدنا الشيخ عبد السلام الأسمر ، وهم اليوم ما يسمون بأولاد الشيخ نسبة إلى الشيخ عبد السلام ، وأنجب الشيخ عبد السلام عدة أبناء ، منهم جدنا حمودة دفين (مصراتة ) ، وأنجب حمودة أبناء منهم أبو الحسن الملقب (أبي شحمة ) دفين مصراتة سنة ١٠٦٠هجري الموافق١٦٥٠ميلادي ، ومن قبيلة الشحوم فخذ ، يُقال له (بوطريطير) أو (بوطرطور) وهو المشهور عند عائلة نصرات ، وأنجب أبوالحسن الملقب (أبي شحمة) وهو من يقال عنه عندنا الفقيه حسن خناق الفروج وأنجب أبناء منهم عبد العاطي دفين مصراتة سنة ١٦٩٠م ، وأنجب عبد العاطي جدنا ، ويقال له أحمد الصغير، ويقال له أبوطريطير وأبو مشماشة ، (دفين طرابلس) .ومن أراد المزيد من المعلومات عنه فليرجع إلى الوثائق .
والله أعلم بأول من أطلق عليه لقب طرطور ، وقد ذكرت معناه في ترجمة الجد امحمد بن محمد أحمد بو طرطور أو أبو مشماشة دفين طرابلس في منطقة أبي مشماشة .
وقد أنجب أبو مشماشة جدنا ثلاثة أبناء ، اثنان منهم ذكور وهم امحمد وسالم ، وبنت والله أعلم باسمها ، تزوجت من والد الشواش ولهذا الآن يقولون للمصارتة أخوالنا ، والله أعلم.
– ملاحظة
عند التتـبع والاستقراء قد يجد المتتبع بعض الخلاف في الأسماء من حيث التقديم والتأخير، لكن يحصل الاتفاق في الأصول .
وإليك الآن السند كاملاً.
وهو احمد الصغير بن عبد العاطي بن الحسن الفقية بن حمودة بن عبدالسلام الاسمربن سليم بن محمد بن سالم بن حميد بن عمران بن محيا بن سليمان بن سالم بن خليفه بن عمران بن احمد بن خليفه بن عبد العزيزبن عبدالله بن عمران بن أحمد بن عبدالله بن عبد العزيز بن عبد القادر بن عبد الرحيم بن احمد بن عبدالله بن ادريس الصغير بن ادريس الكبير بن عبد الله الكامل بن الحسن المثنى بن الحسن بن فاطمة الزهراء بنت محمد بن عبدالله رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
لقد تتبعت بعض الحجج القديمة فوجدت أن لقب العائلة كان المصراتي إلى أن تحصلت على مخطوطةعند الشيخ محمد بن الصغير بن نصرات و عمرها 201سنة أي من سنة1242 هجري ، تثبث وجد لقب عائلة “نصرات ” وكذلك وجدت مخطوطة عمرها 146سنة أي من سنة 1296هجري ولكن الشائع عند من عاصرناهم أن لقب نصرات كان في عهد الشيخ المجاهد الشيباني بن نصرات ، فهو أولُ من أُطلق عليه لقب نصرات ولقب به .
ولهذا اللقب ثلاثةُ أسباب:
– السببُ الأول عندما حُكِم عليه بالاعدام سأله الطليان ، ما اسمك ؟ ، فقال لهم :محمد الشيباني بن الصغير نصرات ، يريد أن يُوهمهم أنه ليس هو الذي يبحثون عنه ، فبذلك ثبت هذا اللقب .
-السببُ الثانــي عندما أَرسله السلطان عبد الحميد -رحمهُ الله- للامتحان في العلوم الشرعية لأجل إجازتِه في الفُتيا وقد أجيز في أن يكون مفْتِياً بتفوق ، فأُعجب به أحدُ الجالسِين فسأله ما اسمك ؟ ، فقال له : محمد الشيباني بن الصغير المصراتي فقال له : ” بل أَنت نصرٌ— آتٍ ” فقُرِأتْ نصرات ، ومنذ ذلك الوقت لقبت العائلة بهذا اللقب .
-السبب الثالــث عندما أُجيزَ مفتياً والشيخ عبد الرزاق البشتِي نائباً ، سُئِل عن اسمه ، فقال :محمد الشيباني بن الصغير المصراتي فأَخطأ الكاتب وكتب (نصرات) فاسْتَحسنه الشيخ فأبقاه .
وقِيلَ أن معنى كلمة (نصرات بالتركي) هي لقب يُطْلقُ على من يُطْلِقُ مدفع الافطار في رمضان ، والله أعلم.
(تنبية) ! فعليه فإن لقب (نصرات) قبل ان يولد الشيخ المجاهد الشيباني بن نصرات -رحمة الله تعالى- بخمسين عاماً حيث ان عمر المخطوطة من سنة 1242 هجري وميلاد الشيخ 1292هجري وكذلك وجدت مخطوطة وعمر الشيخ اربع سنوات حيث ان هذة المخطوطة من سنة 1296 هجري والشيخ موليد 1292هجري ولتأكيد يرجع الي وثائق تتعلق بلقب نصرات والله أعلم
– ملاحظة في اخواننا وأبناء عمومتنا ” أصحاب البَشْرة ألسمراء” .
الولاء ينزل منزلة النسب لما ثبت في (الحديث الصحيح) عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال : ” الولاء لحمة كلحُمة النسب …” وهي الجهة الثانية التي يثبت بها النسب.
وكذلك يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب ، كما جاء ذلك عن ابن عباس -رضي الله عنهما – قال : قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم – في ابنة حمزة ” لا تحل لي ، يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب ، وهي ابنة أخي من الرضاعة ” .
فهناك من أعمامنا من أصحاب البشرة السمراء من رضع مع أبناء نصرات فأصبحوا اخوة لهم من الرضاعة .
فمن أهم القضايا التي ينبغي أن يعتن بها هي ربط الحاضر بالماضي ،
واليك ابراز الشخصيات التي كانت لها حضوة في التاريخ ، وفي هذه الشجرة نبرز شخصيات من عائلة نصرات كان لها حضور في التاريخ .
ومن أراد معرفة شخصية فليرجع إلى الصفة الرئيسية فيجد نجمة حمراء تميِّزه عن غيره .
توطئة في المسجد وأثره في الحضارة الاسلامية
الحضارة الإسلامية في التاريخ الإسلامي مرتبطة ارتباطاً كلياً بالمسجد ، فكل ماحدث في عهد رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ما حدث إلا في المسجد ، لا تظنوا يا أحبابنا أن دور المسجد هو الصلاة المباشرة أو حفظ القرآن وأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فقط !
– فـــالرسول جعل هذا المكان المبارك لكل خير
فما زكيت النفوس إلا من المسجد.
وما نشر العلم إلا من المسجد.
وما حصل من تأليف القلوب إلا من المسجد.
وما تشكلت الأمة إلا من المسجد.
وما أوفدت الوفود إلا من المسجد.
وما أستقبلت الوفود إلا في المسجد.
لقد حوَّل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المسجد إلى خلية نحل ، فالمسجد كان يعلم الإسلام من كل جوانبه ، وحول المسجد المعرفة إلى معرفة حقيقة ، فعلّم الصحابة حتى أصبح كل واحد منهم بحراً من أي الجهات أتيته وجدته بحراً.
خرج أجيال على يد أولئك العباقرة العظماء ، فالذي خرَّجه المسجد في عهد رسول الله والصحابة لم تخرجه الجامعات اليوم ، ففي نصف قرن ساح الإسلام على نصف الكرة الأرضية.
وكانت إذا حلت بالأمة الإسلامية مشكلة كانوا يهرعون إلى المسجد ، ونحن الآن نهرع إلى هيئة الأمم المتحدة وإلى الدول الكافرة نتلمس منهم الحلول لأمتنا، فأصابنا بهذا الذل والصغار.
وعندما أهملنا دور المسجد أصبحنا نتقهقر في عقر ديارنا ، فالعودة إلى المسجد من واجبات العصر .
– أمَّـــا فضل بناء المساجد وتنظيفها وتجميرها معروفة مستفيضة .
فقد قال الله تعالى في كتابه الكريم : ( إنَّما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر)
وقال الله تعالى : ( في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوماً تتقلب فيه القلوب والأبصار)
و كما قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم- : ” أحب البلاد إلى الله مساجدها” رواه مسلم.
وبناؤها قربة من القربات وعبادة من العبادات التي وعد الله من فعلها ببيت في الجنة ، فقال صلى الله عليه وسلم : “من بني لله مسجداً ولو كمفحص قطاة بنى الله له في الجنة مثله ” متفق عليه
ومن شارك في بناء مسجد كان له من الثواب والأجر على قدر المشاركة ، (فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ) ، والنية تعظم ذلك.
وقد علم أجدادنا ما للمسجد من الفضل فاجتهدوا كابراً عن صاغر في بناء المسجد وتعميره وتنظيفه وتجميره مع قلة الإمكانيات والفقر، فقد كانت لهم جهود تذكر فتشكر، قاموا على قدم وساق واستعانوا بالله وبنو أول مسجد في القرية ، وهدفهم في ذلك الاقتداء بسيد ولد أدم -عليه السلام- في بناء أول مسجد في المدينة وتفعيل دور المسجد الحقيقي ، وقد صدق من قال :
بكى صاحبي لما رأى الدرب دونه
وأيـــــقن أنا لاحقان بقيصرا
فقلت له لا تبــــــك عينك إنَّــــــما
نحاول ملــــكاً أو نموت فنعذرا
فنسأل الله أن يكرم أجدادنا وآباءنا ببيوت في الجنة ، وكـــل من شارك في بناء مسجد .
فاجتهدوا في البناء والنظافة والتجمير واستحضروا نية تطييب بيوت الله فيطيب الله قلوبكم ، فمالك بن دينار وجد ورقة فيها اسم الله فطيبها ووضعها في شق حجر فرأى رؤية في المنام يقال له : لقد طيبنا قلبك كما طيبت اسمنا، وفضل الله يسع كل مؤمن ومؤمنة ، والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل.