عالمنا المهندس عبد الوهاب بن حسين آل نصرات
ولد الشيخ في قرية المصّارْتَة سنة (١٩٤٥م) ، و درس القرآن على يد والده في مسجد امْحمد بن نصرات ثم انتقل به والده إلى خلة الفُرجَان سنة (١٩٥٢م) ودرس فيها ٥ سنوات، ويقول الشيخ كان يأتينا الشيخ الفاضل علي الغرياني وتعلمنا منه الكثير ، وكان عمره يناهز ٧٠ سنة ، وكان الشيخ علي الغرياني ممن شارك في تمثيل فيلم عمر المختار .
وفي سنة ٥٤ رحل الشيخ برفقة صديقه أحمد العروسي إلى مصر يطلب العلم مظَانه ، وكان في استقباله أخيه أحمد ، قال عندما التقينا عانقنِي وبكى فبقيت معه حتى رُتبت الأُمور وذهبت إلى الأزهر الشريف وأصبحت طالب علمٍ ودرست عند الشيخ تبع والشيخ الدينسُوري والشيخ داود عريش وآخرين، وكان يأتيني مصْروفي من والدي (٥٠ قرش) ، ويقول المهندس عبد الوهاب نُزولاً لرغبة والدي التحقت بكلية الهندسة وسافرت إلى اليابان وذهبت إلى مصانع (هِتَاشِي) وهي أربع مصانع أتقنت اللغة اليابانية وتعلمت علماً كثيراً ثم رجعت الى ليبيا أحمل في قلبي همة و آمال تناطح السحاب رَغبة في خدمة بلدي فقلِّدِتُ إدارة محطة الكهرباء بالزَّهراء( ٧سنوات) ، وأتيَّنا بِتَربِينَاتْ كهربائية وركَّبناها ٠
سافرت إلى ألمانية بُغيت أن أنهل من علمهم ، وكنت أُريد أن أتعلم اللغة الألمانية ، وقد تمكنت من اللغة الألمانية العالمية وبقيت (٩ سنوات) أنْهل مما عندهم من العلوم فوُفقتُ لعلوم الطاقة وعلوم الذرة وقواعد علمية أخرى شرحها لنا ولم نفهمها وترجمت كتاب هريشيمة٠
وكنت قد عزمت على إقامة مشاريع تخدم البلد ولكن وللأسف الشديد يقولها المهندس وهو يتوجَّعُ من الألم لم يجد من يقف معه ، بل وقفوا ضده وسَنذكرُ أبيات شعرية من مقوله تبين مدى ألمه وتوجعه ٠
كنت أنوي إقامة قطار على غرار القطار الذي في اليابان سرعته ٨٠٠ كيلو في الساعة ،
وكنت عازماً على وضع مروحيات هوائية لتوليد الكهرباء مثل هذه التي عندي،
وكنت عازم على إقامة مشروع وهو أن يكون غاز الطهي من الماء هكذا هي تطلعات مهندسنا ولكنها دفنت من قبل أن تولد ، وهكذا هي سنة الطواغيت محاربة النجومية ولكن نقول لهؤلاء الطواغيت٠
إلي ديَّان يوم الحشر نمضي
وعند الله تجتمع الخصومُ
ستَعلمُ ياجهُول إذ التقينا
غداً عند الإله من الملُومُ
ونقول لعالِمنا ومهندِسنا وشيْخَنَا ما قال الله مسلياً أمثاله :”إنا الله لا يضيع أجر المحسنين” .
وهذه الأبيات التي قالها المهندس مصوراً حال الذين وقفوا أمامه في خدمة البلد وأهل الإسلام .
زرت المهندس في مزرعته نريد أن نتعرف على شخصيته وعلمه فسألته سؤالاً: من هو عبد الوهاب بن حسين نصرات؟
فأجاب
غنيٌ عن التعريف حيث أنني
سليلُ أُناس أُشربُ العلمَ فاعْلمِ
خلقتُ لحبِ العلمِ والله شاهدُ
على أنني أهل له متكلِّم
وأني بفضل الله للعلم رائد
وبحُبه والله بالسر اعلم
لقد وهبني الله مزايا عديدة
عقل وعلم شاعر ومترجم
شكوت لأصحاب النفوذ فقالوا لي
نحن في عصر الجهل بالْعز ننعم
دعك من الأَبْحَاث ولحق بركْبنا
إن كنت بالخيرات والجاه تحلم
زعيم البلد اتخذ من الجهل منهجا
وقال اتبعُونِّي مالكم غير يرحم
وجاء بمنشُورٍ صريح لشعبه
من خالف التشريع بالسيف يعدم
رجعنا لعصر لعب الجهل دوره
في وأد البنات والسلوك المحرم
وختم هذه الأبيات والدَّمع في عينيه يتوجع ألماً وحسرة
ثم أردف قائلا : ” إنا الله و إنا اليه راجعون” ، ثم أصبح يحكي على من واساه وسله يقصد بذلك رفيق عمره من وقفت بجانبه وهو في أحلك ضروفه .
وما أجمل قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- :”خيركم خيركم لأهله وأن خيركم لأهلي” ، هذا كان رسول الله وهكذا كان المهندس لزوجته متمثلاً قول رسولنا ” مايكرمهن إلا كريم ” ، ومن لا يشكر الناس لا يشكر الله .
و بهذه النفس الطيبة قال مهندِسنا يثني على زوجته.
أيا زوجةً سجد الزمان لصَّبْرِها
وأدْخلها التاريخ في صفحاته
لقد كافَحتْ ثم ناظَلتْ ثم تحملت
أمراض زوج طول حياته
كما نالها الحرمان في كل مرة
يسافر فيها تاركاً واجباته
كزَوجٍ وأبٍ ما عليه وماله
نسي كل شئٍ ماعدا مشرُوعَاتِه
إليك مني تحيةٌ
قلبٌ كبيرٌ خاشعٌ في صلاته
والأن مريضةٌ في الفراش تصارع
أمراض هذا العصر مع ويْلَاتَهُ
سكر وضغط ومرض قلب وغيره
فسلام مني عليك حية وميتة، نسأل الله أن يجعل كفاحها في منزلة حسناتها وأن ينزلها منزلاً مباركاً ، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
(ملاحظة)
مصدر المعلومات مشافهة منه